الغُراب الذي أحبني
بركة ساكن
مثلما تغادر اليرقةُ شرنقتها عند اكتمال نمُوها، تخلص آدم من جسده، تركه على شاطئ النهر الصخري ومضى، كان عليه أن يعبر، فتلك الجُبَّة الثقيلة حملٌ زائل، لا تخص العالم خلف النافذة التي تركها في حديقتي، إننا نراهم كما في مخيلتنا أو توقعاتنا لأشكالهم ولبسهم وهيئاتهم ولغاتهم وشرورهم وطيب أخلاقهم، ولكنهم يعتصمون بما هم عليه في عالم اللاحياة أو اللامكان واللازمان؛ أو هيئة ذلك البرزخ المجهول، بالنسبة لنا ونحن في سجن المكان والأجساد والزمان وشروطه، يمرون خلف النافذة كما نمر نحن أمامها، نراهم بشروطنا ويروننا بشروطهم، للذين لم يحالفهم الحظ في التحدث لآدم إنجليز، يبدو ما خلف النافذة استنساخًا لما أمامها، ولا يلحظون الفرق الذي هو في كمال تمامه، للدرجة التي لا يبدو فيها موجودًا.
– صدر حديثًا عن دار الموسوعة الصغيرة للطباعة والنشر