اضاءات متفرقة علي تاريخ المسرح في جُنُوب السٌودان

د. جاستن بيلي
عميد كلية الفنون والموسيقي والدراما ، جامعة جوبا
مدخل :
تاريخ المسرح في دولة جنوب السودان يرتبط ارتباطاً  تاريخيا بدولة السودان باعتبار وجودهما (السودان \ جنوب السودان) التاريخي المشترك ضمن اطار جغرافي واحد منذ قديم الازمان تمتد الي فترة ما قبل الاستعمار الي العام 2011 ميلادية، تخللت هذه الفترات منذ استقلال السودان العديد من النزاعات والحروبات  الاهلية نتيجة لازمة جوهرية هو فشل القيادات المركزية في ادارة التنوع علي مستوياته المتعددة ، وما يجدر الاشارة اليه في سياق هذه الدراسة انه لم  يتم التوثيق لتاريخ النشاط المسرحي في جنوب السودان في الفترات التي كانت هي جزء فيها من السودان حتي وفي كثير من الاحيان يتم تجاهله لاسباب عديدة ربما لم يكن هناك اهتمام من الاكاديمين والباحثين لسبر غور هذا الجزء من تاريخ المسرح السوداني؛ او ربما انه قد ارهبهم ادغالها وطقوسها مما قد يتسبب في اكساب العاملين في الحقل المسرحي قدر من الوعي بالهوية هذا الوعي الذي يمكن ان يفجر العديد من الاسئلة الجوهرية حول المفهوم الحقيقي للهوية الثقافية في السودان وابعادها الثقافية المتعددة والمتنوعة مع الاخذ في الاعتبار قدرة الفنون المسرحية علي اثارة الكثير من الجدل (الوعي) والتشكيك في المسلمات التقليدية، التي لم تتجاوز في طرحها السطحي لطبيعة الثقافة  السودانية الافريقية في جنوب السودان  (وسائل الاعلام الرسمية)  نمازج من الحِراب المسرحية سيئة الصنع والاستخدام في العروض المختلفة (مسرح \ تلفزيون) او ازياء نمرية  يتم ارتداءها في شكل ( لاوة )[1] والقليل من الجبص او الرماد علي اجساد المودين، هكذا كانت الصورة العامة لجنوب السودان في فنون العرض المسرحي في السودان ، لم يتم التطرق الي معالجة الطقوس والممارسات في سياقات مسرحية الا قليلا (مأساة يرول) مع محاكمتها وفق الثقافات والرؤي المغايرة التي هدفت الي تقزيم هذا الثراء المعرفي؛ والي هذه اللحظة  لاتوجد دراسات تاريخية و توثيقية متخصصة تناولت تجربة المسرح في جنوب السودان. وبما ان هذه الدراسة لاتهدف الي محاكمة التغيب الممنهج لتجربة المسرح في جنوب السودان في الفترتين – ان كان بوعي او بغير وعي – في فترة ما قبل استقلال جنوب السودان او في الفترة ما بعد الاستقلال، فانني فقط ساتكفي بتسليط الضوء علي بعض من التجارب المسرحية في جنوب السودان، دون الولوج عميقا في المغالطة المعرفية حول المعني المستهدف في بنية الدراسة ما اذا كان القصد  ومانعنيه هو المسرح في جنوب السودان ام المسرح الجنوب سوداني؟ هذه المغالطات الموروثة من المسرح السوداني دون الاهتمام عميقا بالممارسة نفسها واستكشاف كنهها، ويقيني هو ان الممارسة والتجريب المستمر ين في المسرح قادران علي كشف الهوية الجوهرية  دون شك.
اشكال المسرح الشعبي:
في الحديث عن تاريخ المسرح في جنوب السودان لابد من الوقوف قليلا علي تجربة المسرح الشعبي بحثا عن جذور وجوهر التجربة المسرحية نفسها، وهو اساس العملية المسرحية التي بدون اي من عناصرها المهمة لا يمكن ان يكون هناك مسرح كما قال (جيرزي جروتوفيسكي)[2] ( وبيتر بروك)[3]، لابد ان يكون هناك ممثل (شخص يؤدي) وجمهور (شخص او مجموعة من الاشخاص يشاهدون) والمكان (الفضاء الذي يتم فيه عملية الاداء والمشاركة الحية للعملية الابداعية) لهذه الاسباب اري ان المجتمع  الجنوب سوداني لديه هذه التجربة التشاركية في خبرات الوعي الجمعي  فانه قد مارس ومازال يمارس في حياته اليومية هذه التجربة الحية في الاداء والتفاعل الحي في الرقص الشعبي الذي يتخذ شكل الدائرة حيث تتناقل وتتبدل  فيه الادوار  لدي الجمهور المشارك والفاعل في سياق ديناميكية العرض فهو (الجمهور) المغني والعازف والراقص والمشاهد، وهي صورة تمثل المشاركة الحية المتفاعلة  وهي ذات الرؤية العميقة المدي التي سعي اليها جروتوفسكي في عروضه المسرحية وهي الوصول الي حالة التشابك الحي وتعميق احساس الجمهور بعرق وتنفس المؤدي. ايضا  في الحكايات الشعبية التي تنتشر في المناطق الطرفية والقري في جنوب السودان، حيث يقوم الراوي بسرد القصة بصورة درامية ادائية يقوم فيه باداء عدد من الادوار  والشخصيات، وتكون لكل حكاية وظيفتها التربوية والاخلاقية للاطفال، تربطهم بالمجتمع والقيم والاخلاق وتعرفهم علي الثقافة المتبعة والسلوك القويم للشخصية المؤثرة التي يحترمها الجميع، كانت هذه القصص الشعبية هي المدرسة الاولي لبناء الانتماء في الاطفال، كما نجد العديد من العادات والتقاليد والطقوس التي يكون في المشاركة الجماعية وتحولات الشخصيات امرا مهما مثلا نجد في طقس السبوع عندما يتم اخراج المولود لاول مرة من الغرفة، اذا كان المولود ولدا، يتم وضعه علي الارض وتوضع بجانبه الادوات التي يستخدمها الرجال في حياتهم(حربة، درك، قوس، سهم، وفاس) وترقد بجانبه فتاة صغيرة، ويضرب المولود اربعة ضربات بالسوط علي موخرته، واذا كان المولود بنت توضع علي الارض ويوضع بجانها العديد من ادوات البيت التي تستخدمها المراة (سكين، مفراكة، ملودة، منقد) ويرقد بجانبها طفل ذكر ، ويتم ضرب المولودة ثلاثة ضربات علي موخرتها)[4]، هذه فقط نمازج من بعض اشكال الطقوس والممارسات التي تحتوي علي اشكال المسرح، وجود مؤدين، وجمهور متفاعل ومشارك، ومكان خاص للاداء، وعندما تلتقي هذه العناصر مع بعضها البعض نري التحول الدارمي متجسدا في المكان حيث يتحول المكان والشخوص وتتحول الي رموز ثقافية واشارات ودلالات سيميائية غنية، باكسسواراتها وموسيقاها وازيائها، وديناميكية الفعل فيها، ولها في تطورها الدراماتورجي، بداية ووسط ونهاية ولكنها ليست بالضرورة كما هو الوضع وفق منطق نظرية ( ارسطو )[5] في تفنيده للدراما الاغريقية.
المسرح التطبيقي:
 في التجربة الطويلة للمسرح الجنوب سوداني منذ سبعينات القرن العشرون وهب المسرحين الشباب نفسهم من اجل الدفاع عن فكرة الهوية  الزنجية للثقافة السودانية وقفوا ضد النقيض واعني به تلك الرؤية الثقافية التي عملت بصورة متراتبة الي تقزيم الهوية السودانية الاصيلة في اطار اضيق من ان يحتوي الثراء الثقافي السوداني، قدموا الكثير من العروض المسرحية التي حاكموا عبره ما لايؤمنون به.  كانوا يطرحون عبر العروض المتنوعة اشاكالات وازمات وقضاياء جيل ، مواقف تتعلق بجماليات المسرح التطبيقي واهدافه في التشكيك في القيم الثابتة والمفاهيم المعممة بوعي سطحي ممل.
هكذا هو الحال اراد المسرحيين الجنوب سودانين ان يجعلوا من المسرح منبرا لمن لا صوت له، مكانا يتم فيه خلق اطارا معرفيا لتداول الافكار والمعارف التي يمكن عبرها ان يمتلك الجمهور وعياً بالراهن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي؛ والديناميكية التي يمكن بها ان يكون الثراء الثقافي ثروة وليست كارثة تقود الامة الي الهاوية، استخدموا المسرح لتقريب الرؤي المتصارعة وتضييق الهوة بين وجهات النظر المختلفة، اعتمادا علي العديد من المناهج العالمية الحديثة التي تستخدم تقنيان المسرح كالية (للتعليم الحواري المشترك)[6] من اجل التنمية البشرية، هذا الفضاء المسرحي المفتوح هو مفتاح للمجتمع كافة،يستخدم الحوار كأساس للتعلم  من الخبرات المختلفة لايجاد الحلول الممكنة في المجتمع ؛ هي تجربة تسعي للخلاص من الازمة التي  تعييق تقدم المجتمع بصورة عامة، هذه التقنيات المسرحية  تدرب الجمهور تطبيقيا علي اتخاذ الخطوات العملية للعمل كجماعة متماسكة للخروج من الازمة، استخدم المسرحيون الجنوبين  المسرح الذي يطرح ويعالج موضوعات مشاكلهم  وازماتهم لذا نجد ان هذه التجارب اخذت في النضوج في مدينة واو  رائدة المدن الثقافية في البلاد، وجوبا العاصمة، وبعض المدن الاخري.
 يقول اغستو بوال في شرحه لفاعلية وبساطة منهجة المسرحي قائلا: عندما نقدم الشجار البسيط بين الزوجين في السوبرماركت فان الجمهور يخرج عن سلبيته ويتدخل لحل الازمة، بل ويصل به الامر ان يحدد مجري الحدث، نحن نتعلم منه وهو يتعلم منا ونضع ايدينا علي اسباب المشاكل، ليست المشاكل الزوجية فقط بل اسبابها اي نتطرق الي السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية… نحن لا نحتاج الي فرض شروط نحن فقط نحتاج الي المقهورين)[7]  هكذا هو حال المسرح في جنوب السودان هو  اي مسرح المقهورين يمثل الجوهر الاساسي والعمود الذي قامت عليه العملية المسرحية في جنوب السودان مسرح يرتبط بالاحتياجات الانسانية ويقوم علي ابسط الامكانيات التي يجدها المسرحيون متوفراً؛  مسرحاً يبحث عن تجربة الحياة اليومية وتحدياتها ويحاول اعادة صياغة الوعي المجتمعي عبر الموضوعات المتناولة، حقوق الانسان، قضاياء النوع الاجتماعي، العنف ضدء المراة، عمالة الاطفال وتجنيدهم، الاثار النفسية للحروبات الاهلية ، شُح اساسيات الحياة الكريمة، فقر المؤسسات التي تقدم الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة ، النزاعات الاهلية، التبشير  باهمية التعليم الاساس عامة وللبنات خاصة، توظيف الثراء الثقافي من اجل بناء الانسان والتنمية والمستدامة
المسرح التجريبي و المحترف:
دائما ما تكون الممارسة المسرحية ناجحة وفعالة عندما تكون هناك  رؤية استراتيجية قومية للعمل المسرحي عبر المواسم المسرحية والمهرجانات المتخصصة لانها تنتج  نوعا من العطاء النوعي  في عملية الانتاج والتجريب هو الوعاء الذي يخلق ماهو جديد وتنافسي في عملية الخلق المسرحي، لان التنافس كعملية محورية في تفاعل العملية الابداعية يعمل علي تطوير امكانيات الممثلين والمخرجين والكتاب المسرحيين  مما يغذي الصناعة المسرحية بدماء جديدة وفكر مبتكر؛ ليس لدينا شكسبير او  مورلي في جنوب السودان،و لم نختبر تجربة جروتوفسكي وبيتر بروك او انتونين ارتو، الي الان لا نملك موسما مسرحية فنيا يمكن ان يبشر بنوع من النهوض من هذا الارتكان المميت، لا توجد رؤية قومية او استراتيجية  لبناء الصناعة المسرحية في جنوب السودان فقط بعض الرؤي المتناثرة هنا وهناك من بعض من لم تقهرهم الركود الممل،  ولم ينكسر عزيمتهم.
دعني اقف قليلا عند تجربتين مسرحيتين في جنوب السودان حركا ولو قليلا من حياة في الجسد الابداعي المتهالك:
التجربة الاولي: مشاركة جنوب السودان في مهرجان المسرح الشكسبيري في لندن 2012، كانت هذه تمثل التجربة الاولي في تمثيل جنوب السودان مسرحيا علي المستوي العالمي، قدمت فيه مجموعة من المسرحيين تجربة مسرحية سمبلين لوليم شكسبير بلهجة عربي جوبا، اعداد الاستاذ الرائد جوزيف ابوك، والعرض من اخراج الاستاذ الرائد: ديرك اويا الفريد، رغم ان التجربة علي مستوي الاداء الاحترافي للممثلين والرؤية الاخراجية كانت متواضعة الي حد ما الا ان العرض تلقي قبولا كبيرا علي المستوي المحلي ولدي جمهور المهرجان في لندن والجالية السودانية والجنوب سودانية في بريطانيا، لم يتوقع العالم الاوربي ان يكون هناك مجتمع مسرحي قادر علي بناء عرض مسرحي عن مسرحية سمبلين الشكسبيرية، حيث حازت العرض علي تقدير خمسة نجوم وفقا للمقابلات والاستطلاعات التي تم من احد الصحف البريطانية مع الاشارة الي ان المهرجان لم يكن تنافسياً بل كان مهرجاناً تشاركيا، غاب التنظير والكتابة النقدية حول التجربة واهميتها التاريخية في المسرح الجنوب سوداني مما سارع في اجهاض فكرة الانطلاقة، واصبحت التجربة يتيمة منذ ذلك الوقت، الي ان جاءت التجربة الثانية.
التجربة الثانية: وهي تجربة مجموعة الجذور الفنية والتي اتت بعد اكثر من ستة سنوات من التجربة الاولي، في العام 2019؛ الجذور مجموعة تعتنق التجريب كاساس في بناء وتشكيل رؤيتها الاخراجية وفكرها في تطوير العمل المسرحي في السودان قبل استقلال جنوبه وفي جنوب السودان بعد الاستقلال، قدمت الجذور عرض مسرحية قربان النهر تاليف: الدكتور جاستن بيلي؛ واخراج الاستاذ: ياسر عبدالله كوكو، ضمن المهرجان المسرحي لشباب الجنوب وهو مهرجان تنافسي، بجمهورية مصر العربية، وفاز العرض بجائز احسن ممثل ثالث رجال، وجائزة احسن عرض جماعي، كان العرض في رؤيتها الاخراجية جريئة الي حد ما استطاعت ان تلفت الانتباه الدولي لنوعية التجربة المسرحية في جنوب السودان، وكيفيات التجريب في توظيف الاسطورة والطقس في بناء الصورة المسرحية، وانعكاس الرؤية  العميقة للمخرج  في توظيف الاضاءة بفلسفة استطاعت الولوج الي استنطاق وتجسيد ما لايمكن رؤيته (الميتافيزيقاء)، هاتان التجربتان تمثلان طليعة الصناعة المسرحية التجريبية المدركة لذاتها في جنوب السودان.
الخلاصة:
 الحلم اكبر من حمي الازمة التي يرتكن اليها صناعة المسرح في جنوب السودان، والرؤية اكثر حدةً من ضحالة الراهن المتهالك، والعزيمة اقوي في صناعة الغد واشراقاته، بالرغم ان الحراك المسرحي الان يسير بخطوات ثقيلة جدا وفي كثير من الاحيان تتوقف الا انها في الطريق الصحيح، سوف تنهض الصناعة المسرحية بكل انواعها في المستقبل القريب، طالما انها ترتكن الي تراث انساني عميق واصيل وهي قادرة علي طرح الاسئلة الانسانية الجوهرية فانه قادر علي تجاوز الراهن، ذلك لان الفن الذي لا يبحث عن صيغ انسانية حية يموت لان المسرح الذي يبتعد في موضوعه عن واقع الانسان وازمته يتهالك ويموت.
ولنا لقاءات مفصلة عن تاريخ المسرح في جنوب السودان.
[1] – لاوة: زي شعبي تميزت به قبائل الشلك في منطقة اعالي النيل، ونسبة لان الرث (ملك الشلك) يستخدمه كزي رسمي، اصبح كل المجموعة الاثنية ترتديها في الحياة اليومية والمناسبات القومية والاجتماعية.
[2] -جيرزي جروتوفيسكي: ممثل ومخرج بولندي، وهو صاحب نظريات حية في مجال تدريب الممثل وبناء الصورة المسرحية التي تسعي عميقا في ربط العلاقة الحية بين الجمهور والممثل اثناء عملية الاداء نفسه، صاحب نظرية المسرح الفقير، والممثل المقدس.
[3] – بيتر بروك: باحث ممثل ومخرج مسرحي انجليزي طور العملية المسرحية والاداء الشعبي المعتمد علي الجذور الطقوسية، صاحب تجارب في المسرح وله فيها، النقطة المتحولة، المساحة الفارغة، وممثله المتوحش.
[4] – طقوس السبوع واخراج المولود الجديد من الغرفة لاول مرة يتم ممارسة هذه الطقوس بهذه الدرامية وفقا لعادات وتقاليد قبائل البناتو في مناطق غرب بحر الغزال (قبائل الفرتيت).
[5] – ارسطو: هو فيلسوف وناقد اغريقي عاش في الفترة الذهبية للفكر الاغريقي، وهو صاحب النظرية الاولي في تعريف الدراما (التراجيدياء) في كتابه فن الشعر. كتب نقده عن الدراما علي نموزج النصوص التي كتبها اسخيلوس وسوفكليس وغيرهم من الكتاب الكلاسيكين الاغريق.
[6] – التعليم الحواري المشترك: هو تعلم اجتماعي مشابه  من حيث المفهوم للفعل التواصلي ويخلص بشكل مفيد بفكرة انخراط الناس مع بعضهم من اجل هدف واضح هو التعليم والانتاجالمشترك للمعرفة من اجل التنمية (راجع كتاب هازل جونسن\ جوردن ويسلون، التعليم من اجل التنمية، مسائل في التنمية، عن المجلس القومي للترجمة 1794)
[7] – راجع،دكتور احمد سخسوخ، حوارات مع اخر عمالقة المسرح العالمي، مكتبة النهضة المصرية،9 شارع عدلي باشا بالقاهرة- ص 49- 51
زر الذهاب إلى الأعلى